السبت 9 من شعبان 1443 هـ
التفكر فى خلق السماوات و الأرض
بسم الله
فى الحقيقة هى واحدة من أكثر العبادات متعة و اخترت أن أبدأ بها لما لها من تأثير فورى و واضح جداً، هذه العبادة لا تحتاج فيها لبذل أى مجهود و ليست لها أية شروط و لا وقت محدد يمكنك أداء هذه العبادة فى أى وقت و فى أى مكان و سواء كنت منفرداً أو محاط بالناس من حولك تستطيع ممارستها فى كل الأحوال، و يمكنك أن تخصص لها وقت محدد يومياً و كذلك يمكنك أن تكررها كلما احتجتها فهى عبادة جميلة يمكنك أن تستثمر فيها وقتك و حتى الوقت المهدر إذا أجبرت عليه كالوقوف فى الطوابير أو إنتظار دورك لتلقى خدمات معينة أو حتى و أنت فى المواصلات تعبد بها و استفد من هذا الوقت و لو أنك تحب السير فما أحلاها مع ممارسة رياضة المشى!
دعونا نتعرف على هذه العبادة عن قرب، هى عبادة للعينين و العقل و النفس فى أثناء ممارستها تفرغ رأسك من كل شئ و فقط تنظر بتركيز إلى شئ طبيعى من خلق الله كالسماء و السحب و الأشجار و الجبال و الطيور و البحار و غيرهم الكثير و تمعن و تتدبر فى اتقان خلقها و جمالها و بديع صنعها تأمل فى تفاصيلها و تدبر فى اتقانها و انطلق بخيالك فى أعماق هذا المخلوق و كيف أوجده الله من عدم، اعلم أن الله يبعث له رزقه من حيث لا تدرى أنت و انظر كيف تتبدل أحواله، انقل تفكرك من العين للعقل ثم للنفس، الآن عينك تنظر و عقلك يتدبر و نفسك تصفو، إستمر و كرر هذه العبادة كثيراً، إحرص على مرة فى اليوم على الأقل و إن استطعت أن تزيد فافعل فالزيادة منها هى زيادة فى صفاء النفس و راحة الذهن و المكسب الأساسى هو الحسنات التى نسعى لجمعها.
خطوات تطبيق هذه العبادة:
بكل بساطة هى كالآتى:
1- النية:
فالنية هى التى تجعل هذا العمل عبادة و بهذا يبدأ عداد الحسنات فى العمل، إبدأ بنية أننى سأتدبر فى خلق السماوات و الأرض أو بنية التفكر فى خلق الله و النية محلها القلب لا تحتاج أن تنطقها بلسانك، و يمكنك أن تزيد حسناتك بإضافة نيات أخرى مثل:
- إتباع سنة من سنن النبى، فنحن نعلم أن النبى كان يقوم بهذه العبادة حتى قبل البعثة، و بلغنا أيضاً أنها كانت من عبادات أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
- تجديد الطاقة للتقوى على العبادة.
- تفادى الوقوع فى الهم و الحزن.
- الشكر، فإستخدام النعمة (كنعمة النظر فى هذه الحالة) فيما يرضى الله هو نوع من أنواع الشكر.
- التقرب لله و التودد إليه.
- إستشعار عظمة الله.
- إظهار حبنا لله، لأن المحب يفعل ما يحبه المحبوب.
2- قل: "بسم الله".
3- توجيه النظر لمخلوق طبيعى:
و نختار المتاح منه فإن كنت فى البيت و لديك نافذة تأمل منها السماء و السحب إن كنت فى النهار أو تأمل القمر و النجوم إن كنت فى الليل، أنظر للأشجار إن كنت فى الطريق أو لمجرى مائى إن كان بجوارك. إن لم تجد أنظر إلى ثمرة فاكهة أو خضروات و دقق فى صنعها و اعلم أن الله خلق كل شئ بمقدار.
4- قل "الحمد لله" عندما تكتفى أو تتوقف عن هذه العبادة.
5- إنوى المعاودة مرة أخرى.
من فضل الله تعالى أنك ستستشعر الراحة فى الدقائق الأولى من بدأ هذه العبادة ثم ستشعر بمتعة من النظر لهذا الجمال الذى وضعه الله فى خلقه و سيصعد الشعور بالسعادة بالتدريج فى نفسك، فما عليك إلا أن تبدأ لتسعد.
كيف نزيد التأثير الطيب لهذه العبادة؟
إليك بعض العوامل التى تقوى نتائج هذه العبادة و هى ليست شرطاً و لكنها تزيد من ثمارها و هى كالآتى:
- الإستمرار لمدة ثلث ساعة (20 دقيقة) أو أكثر إن استطعت.
- التواجد فى مكان مفتوح و حاول أن تكون محاط بالطبيعة من كل مكان كالجلوس على شاطئ البحر أو ركوب قارب صغير فى النهر أو الجلوس فى حديقة.
- لبس ملابس مريحة.
- الابتعاد عن الضوضاء.
- الاستمتاع بأصوات الطبيعة. و بذلك تشترك أذنيك أيضاً فى العبادة و يزداد الصفاء النفسى.
- تخصيص وقتين مختلقين فى اليوم (مثلاً مرة فى النهار و أخرى فى بداية الليل).
و ما هى الضوابط؟
الإلتزام بالضوابط الشرعية فمثلاً عدم النظر إلى محرم أو الإستماع إلى محرم و غير ذلك من الضوابط.
ثمار هذه العبادة:
1. الراحة النفسة و هدوء الأعصاب.
2. الشعور بالبهجة و السرور و الأمل.
3. تجدد النشاط.
4. زيادة الطاقة و الحيوية.
5. تحبيب النفس فى العبادات الأخرى.
6. تحسين الإنتاجية فى العمل.
7. زيادة الحسنات و الأجر.
8. إبتغاء الجنة.
9. التقرب من الله.
أرجو العلم أننا تحدثنا عن نوع واحد من
عبادات التفكر فهى كثيرة و متنوعة و منها:
- التفكر فى خلقتك و كيف سواك الله على أحسن صورة و فضلك على كثير ممن خلق تفضيلا.
- التفكر فى الملكوت و عظمة خلق الله و أن ما ندركه منها قليل جداً.
- التفكر فى الصالحين.
- التفكر فى الملائكة.
- التفكر فى عظمة الله نفسه.
و نرجو من الله تعالى أن يأذن لنا بالحديث عن
كل نوع منهم على حدة.
أرجو أن تكون كلماتى هذه نافعة و سهلة فى تطبيقها و أسأل الله لى و لكم الزيادة فى
الإيمان و الهدى و التقى و العلم.
و الحمد لله رب العالمين.